ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم «الدعاء هو العبادة»(1)، إنما كان
ذلك كذلك لأمور :
ـ منهــا : أن الدعاء فيه التضرع إلى الله وإظهار الضعف والحاجة
إلى الله .
ـ ومنها : أن العبادة كلما كان القلب فيها أخشع والفكر فيها حاضر ؛
فهي أفضل وأكمل، والدعاء أقرب العبادات إلى حصول هذا المقصود
فإن حاجة العبد تدفعه إلى الخشوع وحضور القلب .
ـ ومنـها : أن الدعاء ملازم للتوكل والاستعانة بالله؛ فـإن التوكل هو
الاعتماد بالقلب علــى الله والثقة به فـي حصول المحبوبات واندفاع
المكروهات، والدعاء يقويه، بل يعبر عنه ويصرح به؛ فإن الداعي
يعلم ضرورته التامة إلى الله، وأنها بيد الله، ويطلبها من ربه
راجياً له واثقاً به، وهذا هو روح العبادة .
ـ ومنها: أن الداعي لما كان يدعو الله لمصلحته ومنفعته ويطلب من
الله حوائجه؛ فربما ظن الظان أن ذلك هو المقصود، وأنه إن حصلت
الحاجة التي دعا لأجلها فقد حصل المراد ، وإن لـم تحصل فقد ضاع
سعيه، وهذا ظن غالط ؛ فأخبر صلى الله عليه وسلم أنـه عبادة لله ،
سواء أجيب العبد إلى ما سأل أو لــم يجـب ؛ فـإنـه كسـب العبادة لله
بدعائه ، كما لو صلى أو قرأ أو ذكر الله ؛ فإن حصل مع هذه العبادة
التي هي المقصود الأعظم مطلوبه وإلا فهــو غانم ومحصـــل لعبادة
ربه ؛ فمـــن نعمة الله على العبد أن يأمره بالدعاء وتدفعه الحاجات
والضرورات إلى سؤال الله لتحصــل لــه هذه العبادة العظيمة ، حتى
كان بعض السلف يقول: إنه تكون لي الحاجة إلى الله فأدعوه فيفتح
لي من لذيذ مناجاته ما أتمنى معه أن حاجتي لم تُقْضَ ؛ لما أخشى
من انصراف النفس عن هذه المناجاة والعبادة، ويقول بعضهم :
لقد بورك لك في حاجة أكثرت فيها من قرع باب سيدك.
كتاب : مجموع الفوائد واقتناص الأوابد
للشيخ عبد الرحمن السعدي ( ص 27 )
...
(1) أخرجه الترمذي في الجامع ( ك تفسير القرآن ، ب ومن سورة البقرة،
ص 1950 / ح 2969 ) من حديث النعمان بن بشير،
وقال الألباني : صحيح .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ