كان راكبا"على الدابة ويسير بجانبه رسول الأمة محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام يمسك بخطام دابته النبي الذي تتشرف بتقبيل قدميه الملوك الله أكبر ( وإنك لعلى خلق عضيم )، يمسك بخطام دابته وينظر الى معاذ نظرة المودع ويقول له يامعاذ لعلك تأتي من اليمن وتمر على مسجدي هذا فلا تراى سوى قبري ، فبكى معاذ رضي الله عنه ثم قال للنبي عليه وسلم ، أوصني يارسول الله فقال له ( إتقي الله حيث ماكنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن ) وصية جامعة من رسول أوتي جوامع وسوف نأخذ من الوصية الجزء الأول ونتبع الشرح لبقية الحديث لاحقا" إن شاء الله ، فقوله إتقي الله حيث ماكنت ، فماهي التقوى ياترى ، التقوى أيها المؤمنون عرفها السلف تعاريف كثيرة ولكن من أجل التعاريف للتقوى تعريف علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث قال التقوى هي( الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضى بالقليل والإستعداد ليوم الرحيل ) وقال غيره التقوى ( أن لا يراك حيث نهاك ولايفقدك حيث أمرك ) والتقوى تعني أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقايه بطاعته والإبتعاد عن معصيته ، ثم قال النبي عليه وسلم ( حيث ماكنت ) ثم تأمل معي هذ الآيات ( ألم ترى أن الله يعلم مافي السموات ومافي الأرض مايكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولاخمسة إلا هوسادسهم ولا أدنى من ذلك ولاأكثر إلا هو معهم أين ماكانو ثم ينئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شئ عليم ) وقوله عزوجل ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم مافالبر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولارطب ولايابس إلا في كتاب مبين ) فيأتي العاصي يغلق الأبواب ويرخي الستور ويطفئ الأنوار ويظن المسكين أن الله لا يراه ،،، يامن يرى مد البعوض جناحها في ظلمة الليل البهيم الأليني ويرى نياط عروقها في نحرها والمخ في تلك العظام النحلي إغفر لعبد تاب من فرطاته ماكان منه في الزمان الأول ، الله لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء وتأمل يامن تتخفى عن الناس بالمعصية قول الله عزوجل ( يوم تبللى السرائر ) وقوله عزوجل ( أفلا يعلم إذا بعث مافي القبور ، وحصل مافي الصدور ، إن ربهم بهم يومئذ لخبير) فتقوى الله ليست كلمات تردد على اللسان بل هي أفعال بارزه على ظاهر الإنسان وخافيه عن أعين الناس في القلوب إنما تصرف لرب الأرباب ، وإلى لقاء قريب مع الخصلة الثانية من الحديث دمتم في رعاية الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .