الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد :
التوبة وظيفة العمر
قال سبحانه و تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً)
عَنْ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ، قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ فَقَالَ بِهِ هَكَذَا قَالَ أَبُو شِهَابٍ بِيَدِهِ فَوْقَ أَنْفِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلًا وَبِهِ مَهْلَكَةٌ وَمَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ نَوْمَةً فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلَتُهُ حَتَّى إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَرُّ وَالْعَطَشُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي فَرَجَعَ فَنَامَ نَوْمَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ. أخرجه البخاري في صحيحه
مقولة اليوم:
قال سفيان الثوري في موعظته لابن الحسن: اتق الله حيثما كنت إذا عملت ذنبا في السر فتب إلى الله في السر وإذا عملت في العلانية فتب إلى الله في العلانية ولا تدع ذنبا يركب ذنبا وأكثر من البكاء ما استطعت.
كان يحيى بن معاذ يقول:
إلهي، لا أقول تبت ولا أعود، لما أعرف من خُلُقي، ولا أضمن ترك الذنوب لما أعرف من ضعفي، ثم إنيِّ أقول: لا أعود؛ لعلي أن أموت قبل أن أعود.
قال الحارث المحاسبي:
الذي يبعث العبد على التوبة ترك الإصرار والذي يبعثه على ترك الإصرار ملازمة الخوف.
قال الجنيد:
التوبة على ثلاثة معان: أولها: الندم، والثاني العزم على ترك المعاودة إلى ما نهى الله عنه، والثالث السعي في أداء المظالم.
قال بشر بن الحارث رضي الله عنه:
رأيت شاباً ولع به الوله، وهو يقول هذه الأبيات
كم زللت فلم أذكرك في زلل وأنت يا واحد في الغيب تذكرني
كم أهتك السر جهراً عند معصيتي ... وأنت تلطف بي حباً وتسترني
ولا بكيت بدمع العين من أسف ... ولا بكيت بكاء الواله الحزن
سئل رويم عن التوبة، فقال: هي التوبة من التوبة
وكان عبد الله بن علي بن محمد التميمي يقول:
شتان ما بين تائب يتوب من الزلات، وتائب يتوب من الغفلات، وتائب يتوب من رؤية الحسنات.
قال بعض السلف :
أصبحوا تائبين و أمسوا تائبين. يشير إلى أن المؤمن لا ينبغي أن يصبح ويمسي إلا على توبة فإنه لا يدري متى يفاجئه الموت صباحا أو مساء فمن أصبح أو أمسى على غير توبة فهو على خطر لأنه يخشى أن يلقى الله غير تائب فيحشر في زمرة الظالمين قال الله تعالى : { و من لم يتب فأولئك هم الظالمون } تأخير التوبة في حال الشباب قبيح و في حال المشيب أقبح وأقبح.
إلى الله تب قبل انقضاء من العمر *** أخي و لا تأمن مفاجأة الأمر
ولا تستصمّن عن دعائي فإنما *** دعوتك إشفاقا عليك من الوزر
فقد حذرتك الحادثات نزولها *** ونادتك إلا أن سمعك ذو وقر
تنوح وتبكي للأحبة إن مضوا *** ونفسك لا تبكي وأنت على الأثر